Jumat, 17 Mei 2024

عقد النكاح بالعرف

هل ينعقد النكاح بهذه الصيغة؟

 20-01-2015
    

 السؤال 224613


قمت منذ أيام بالعقد الشرعي وأريد التأكد من صحته علما قد كان كالآتي : 1- قبل العقد قمت بإخبار عائلة زوجتي وكانوا موافقين ( الأب , الأم , الأخ ) . 2- قدمت المهر وقد كان ذهبا . 3- العديد من الشهود كانوا حاضرين . 4- غير أنه قد تكلم أبي عوضاً عني وقد قال حرفيا مخاطبا - أبو زوجتي - : " أتينا خاطبين وطالبين يد ابنتكم فلانة لابني فلان " ، وأجاب الأب : بنعم ، فهل يعتبر العقد صحيحا أم باطلاً ?

الجواب

الحمد لله.


نعم ، العقد صحيح ، إذا كانت هذه الطريقة هي المتعارف عليها في بلدكم عند عقد الزواج ، والناس يعتبرون قولكم : " أتينا خاطبين .. " إنشاء لعقد النكاح ، وليس مجرد خطبة ، يتم بعدها عقد النكاح .
وأما إذا كان المتعارف عليه : أن هذه الصيغة هي مجرد خطبة ، وليست إنشاء لعقد النكاح ، فلابد من تجديد العقد ، مع ذكر صيغة التزويج ، أو ما يدل عليه في الإيجاب والقبول ، كأن يقول ولي الزوجة : زوجتك ابنتي .. ، وتقول أنت : نعم ، أنا قبلت .
أو تقول أنت له : زوجني ابنتك ، ويقول هو : قبلت ، أو زوجتك ، أو نحو ذلك .

ومما يعينكم على معرفة ما حصل منكم : هل هو مجرد خطبة ، أو هي عقد زواج : النظر في حالكم عند حصول ذلك ؛ فإذا كنت قد تقدمت لخطبة الفتاة قبل ذلك ، وقبلوا بك خاطبا ، على ما يجري من عادة الناس ، وتواعدتم أن يكون هذا الاجتماع لأجل التزويج ، فهذه قرائن كافية للحكم بأن ما حصل من الكلام بينكم كان عقد تزويج ، وليس مجرد خطبة .

وقد حكى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله اختلاف الفقهاء في العقود : هل يشترط في صحتها صيغة أو لفظ معين ، أو تصح بالفعل الدال عليها ، على ثلاثة أقوال ؛ قال :
" وَأَمَّا الْعُقُودُ مِنَ الْمُعَامَلَاتِ الْمَالِيَّةِ وَالنِّكَاحِيَّةِ وَغَيْرِهَا فَنَذْكُرُ فِيهَا قَوَاعِدَ جَامِعَةً عَظِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ فِيهَا أَيْسَرُ مِنْهُ فِي الْعِبَادَاتِ ؛ فَمِنْ ذَلِكَ: صِفَةُ الْعُقُودِ. فَالْفُقَهَاءُ فِيهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا : أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ : أَنَّهَا لَا تَصِحُّ إِلَّا بِالصِّيَغِ وَالْعِبَارَاتِ الَّتِي قَدْ يَخُصُّهَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِاسْمِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ : الْبَيْعُ ، وَالْإِجَارَةُ ، وَالْهِبَةُ ، وَالنِّكَاحُ ، وَالْوَقْفُ ، وَالْعِتْقُ ، وَغَيْرُ ذَلِكَ . وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ ، وَهُوَ قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ أحمد ....
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّهَا تَصِحُّ بِالْأَفْعَالِ فِيمَا كَثُرَ عَقْدُهُ بِالْأَفْعَالِ ، كَالْمَبِيعَاتِ الْمُحَقَّرَاتِ ، وَكَالْوَقْفِ فِي مِثْلِ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا وَأَذِنَ لِلنَّاسِ فِي الصَّلَاةِ فِيهِ ...
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ : أَنَّ الْعُقُودَ تَنْعَقِدُ بِكُلِّ مَا دَلَّ عَلَى مَقْصُودِهَا ، مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَبِكُلِّ مَا عَدَّهُ النَّاسُ بَيْعًا أَوْ إِجَارَةً . فَإِنِ اخْتَلَفَ اصْطِلَاحُ النَّاسِ فِي الْأَلْفَاظِ وَالْأَفْعَالِ انْعَقَدَ الْعَقْدُ عِنْدَ كُلِّ قَوْمٍ بِمَا يَفْهَمُونَهُ بَيْنَهُمْ مِنَ الصِّيَغِ وَالْأَفْعَالِ.
وَلَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ مُسْتَقِرٌّ ، لَا فِي شَرْعٍ وَلَا فِي لُغَةٍ ، بَلْ يَتَنَوَّعُ بِتَنَوُّعِ اصْطِلَاحِ النَّاسِ ، كَمَا تَتَنَوَّعُ لُغَاتُهُمْ ، فَإِنَّ أَلْفَاظَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ لَيْسَتْ هِيَ الْأَلْفَاظُ الَّتِي فِي لُغَةِ الْفُرْسِ أَوِ الرُّومِ أَوِ التُّرْكِ أَوِ الْبَرْبَرِ أَوِ الْحَبَشَةِ ، بَلْ قَدْ تَخْتَلِفُ أَلْفَاظُ اللُّغَةِ الْوَاحِدَةِ.
وَلَا يَجِبُ عَلَى النَّاسِ الْتِزَامُ نَوْعٍ مُعَيَّنٍ مِنَ الِاصْطِلَاحَاتِ فِي الْمُعَامَلَاتِ . وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمُ التَّعَاقُدُ بِغَيْرِ مَا يَتَعَاقَدُ بِهِ غَيْرُهُمْ إِذَا كَانَ مَا تَعَاقَدُوا بِهِ دَالًّا عَلَى مَقْصُودِهِمْ . وَإِنْ كَانَ قَدْ يُسْتَحَبُّ بَعْضُ الصِّفَاتِ، وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ عَلَى أُصُولِ مالك وَظَاهِرِ مَذْهَبِ أحمد ...
ثم قال : " وَمَعْلُومٌ أَنَّ دَلَالَاتِ الْأَحْوَالِ فِي النِّكَاحِ مَعْرُوفَةٌ: مِنَ اجْتِمَاعِ النَّاسِ لِذَلِكَ وَالتَّحَدُّثِ بِمَا اجْتَمَعُوا لَهُ، فَإِذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: " مَلَّكْتُهَا لَكَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ " عَلِمَ الْحَاضِرُونَ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْإِنْكَاحُ، وَقَدْ شَاعَ هَذَا اللَّفْظُ فِي عُرْفِ النَّاسِ حَتَّى سَمَّوْا عَقْدَهُ إِمْلَاكًا وَمِلَاكًا .. "
ثم قال : " وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ الْجَامِعَةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مِنْ أَنَّ الْعُقُودَ تَصِحُّ بِكُلِّ مَا دَلَّ عَلَى مَقْصُودِهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ ، هِيَ الَّتِي تَدُلُّ عَلَيْهَا أُصُولُ الشَّرِيعَةِ، وَهِيَ الَّتِي تَعْرِفُهَا الْقُلُوبُ .. " انتهى .
" القواعد النورانية " (ص/161) وما بعدها .

وأما مجرد تصرف والدك في العقد نيابة عنك ، فلا يبطل عقدك ؛ فإن حضورك معه ، وموافقتك على ما قال : تجعل العقد صحيحا ، لا إشكال فيه ، إن شاء الله .

والله أعلم .

حكم ولد الزنا

بنت زنى تقول أنا بنت من ؟

 03-03-2003
    

 السؤال 33591

أنا طفلة غير شرعية ، وقد تزوج والداي وكان عمري 10 أشهر وقد تطلقا قبل سنتين ، استعملت اسم والدي منذ أن ولدت وهو معترف بأبوته لي . هل أغير أسمى إلى اسم والدتي ؟
قرأت الأجوبة في موقعكم وهي تقول بأنني يجب أن أستعمل اسم والدتي ، ولكن هناك جواب للشيخ ابن جبرين يقول العكس ورقم السؤال 5967 وقد ذكر بأن الوالد إذا اعترف بالأبوة فيجوز التسمي باسم الأب ، فأرجو التوضيح .

الجواب

الحمد لله.

أولاً : نؤكد على أن "ولد الزنا" لا علاقة له بجريمة والديه ، وأن له كامل الحقوق التي للمسلمين ذكرا كان أو أنثى ، وأن عليه أن يتقي الله تعالى ليكون من أهل جنته ورضوانه.

ثانياً : اختلف العلماء في استلحاق الزاني ولده إذا لم تكن المرأة فراشا على قولين ، هل يلحق به أولا .

وبيان ذلك : أن المرأة إذا كانت فراشا ، أي متزوجة ، وأتت بولد بعد ستة أشهر من زواجها ، فإنه ينسب إلى الزوج ، ولا ينتفي عنه إلا بملاعنته لزوجته . ولو ادعى رجل أنه زنى بالمرأة وأن هذا ابنه من الزنا ، لم يلتفت إليه بالإجماع، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " الولد للفراش وللعاهر الحجر" رواه البخاري (2053) ومسلم (1457).

قال ابن قدامة : ( وأجمعوا على أنه إذا ولد على فراش رجل , فادعاه آخر . أنه لا يلحقه , وإنما الخلاف فيما إذا ولد على غير فراش ).

فإذا لم تكن المرأة فراشا ( زوجة ) ، وجاءت بولد من زنا ، فادعاه الزاني ، فهل ينسب إليه ؟

ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا ينسب إليه.

ونقل عن الحسن وابن سيرين وعروة والنخعي وإسحاق وسليمان بن يسار ، أنه ينسب إليه .

واختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .

ونقله ابن قدامة رحمه الله عن أبي حنيفة رحمه الله ، قال : ( وروى علي بن عاصم , عن أبي حنيفة , أنه قال : لا أرى بأسا إذا زنى الرجل بالمرأة فحملت منه , أن يتزوجها مع حملها , ويستر عليها , والولد ولد له ) المغني 9/122

وقال ابن مفلح رحمه الله : واختار شيخنا [ابن تيمية] أنه إن استلحق ولده من زنا ولا فراش لحقه اهـ . الفروع 6/625

وقال ابن قدامة رحمه الله : ( وولد الزنى لا يلحق الزاني في قول الجمهور وقال الحسن , وابن سيرين : يلحق الواطئ إذا أقيم عليه الحد ويرثه . وقال إبراهيم : يلحقه إذا جلد الحد , أو ملك الموطوءة . وقال إسحاق : يلحقه . وذكر عن عروة , وسليمان بن يسار نحوه ) .

وقال شيخ الإسلام : ( وأيضا ففي استلحاق الزاني ولده إذا لم تكن المرأة فراشا قولان لأهل العلم , والنبي صلى الله عليه وسلم قال : " الولد للفراش , وللعاهر الحجر " فجعل الولد للفراش ; دون العاهر . فإذا لم تكن المرأة فراشا لم يتناوله الحديث , وعمر ألحق أولادا ولدوا في الجاهلية بآبائهم , وليس هذا موضع بسط هذه المسألة ) الفتاوى الكبرى 3/178

وقد استدل جمهور العلماء على عدم لحوق ولد الزنى بالزاني بما رواه أحمد (7002) وأبو داود (2265) وابن ماجه (2746) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ : قَضَى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مَنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ لَمْ يَمْلِكْهَا ، أَوْ مِنْ حُرَّةٍ عَاهَرَ بِهَا فَإِنَّهُ لا يَلْحَقُ بِهِ وَلا يَرِثُ وَإِنْ كَانَ الَّذِي يُدْعَى لَهُ هُوَ ادَّعَاهُ فَهُوَ وَلَدُ زِنْيَةٍ مِنْ حُرَّةٍ كَانَ أَوْ أَمَةٍ .

والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود ، وحسنه الأرناؤوط في تحقيق المسند. واستدل به ابن مفلح لمذهب الجمهور.

فقضى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن ولد الزنى لا يلحق بالزاني ولا يرثه ، حتى لو ادعاه الزاني .

ولاشك أن إلحاق الولد بشخص ما ، أمر عظيم يترتب عليه أحكام كثيرة ، من الإرث ، والمحرمية له ولأقاربه .

والحاصل أن الفتاوى التي صرحت بانتفاء نسب ولد الزنا من الزاني ، موافقة لما عليه جمهور العلماء .

وأما الشيخ ابن جبرين حفظه الله ، فلعله بنى كلامه على القول الآخر الذي ذكرنا أصحابه فيما سبق .

وبناء على قول الجمهور ، فإن ولد الزنا – ذكرا كان أو أنثى – لا ينسب إلى الزاني ، ولا يقال إنه ولده ، وإنما ينسب إلى أمه ، وهو محرم لها ، ويرثها كبقية أبنائها .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ( وأما الولد الذي يحصل من الزنا ، يكون ولدا لأمه ، وليس ولدا لأبيه ؛ لعموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " الولد للفراش وللعاهر الحجر " العاهر : الزاني ، يعني ليس له ولد . هذا معنى الحديث . ولو تزوجها بعد التوبة فإن الولد المخلوق من الماء الأول لا يكون ولدا له ، ولا يرث من هذا الذي حصل منه الزنا ولو ادعى أنه ابنه ، لأنه ليس ولدا شرعيا ) انتهى ، نقلا عن : فتاوى إسلامية 3/370

وفي فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله (11/146) : الولد المخلوق من ماء الزاني لا يسمى ولدا للزاني اهـ .

والله أعلم .